هل تنتظر بفارغ الصبر أن ترى أول بيضة في قنّ الدجاج لديك؟ لست وحدك! كثير من المربين الجدد يعيشون هذه اللحظة بشغف، فهي بمثابة أول ثمرة لجهدٍ طويل من الرعاية والتربية. لكن، متى يبيض الدجاج لأول مرة؟ هذا السؤال لا يراودك عبثًا، بل يعكس حرصك على فهم دورة حياة الدجاج وتوقع العائد الحقيقي من تربيتهم.
معرفة السن الذي يبدأ فيه الدجاج بوضع البيض يُعتبر أمرًا بالغ الأهمية، خاصة للمبتدئين الذين يخططون لتربية الدواجن سواء كهواية أو كمشروع تجاري صغير. فهي تساعدك على التخطيط للتغذية، توفير البيئة المناسبة، ورصد أي تأخير غير طبيعي في الإنتاج.
في هذا الدليل الشامل، ستتعرف على كل ما تحتاج معرفته حول توقيت بداية وضع البيض:
- في أي عمر تبدأ الدجاجة في التبييض؟
- ما العلامات التي تدل على اقتراب هذه اللحظة؟
- كيف تؤثر التغذية والعوامل البيئية؟
- وهل هناك طرق فعّالة لتسريع هذه العملية بشكل طبيعي وآمن؟
تابع القراءة لتكتشف الإجابات بأسلوب مبسّط، دقيق، وموجّه خصيصًا لك كمربي مبتدئ يبحث عن الفهم الحقيقي لا مجرد المعلومات السطحية.
🟧 في أي عمر يبدأ الدجاج في وضع البيض؟
من أكثر الأسئلة التي يطرحها المربون المبتدئون هو: متى تبدأ الدجاجة في التبييض؟ والإجابة تختلف باختلاف عوامل متعددة، لكن يمكن وضع متوسط تقريبي يساعدك في تكوين تصور واضح لما يمكن توقعه.
🐣 المتوسط الطبيعي لبدء التبييض
غالبًا ما تبدأ الدجاجات في وضع أول بيضة لها ما بين عمر 4 إلى 6 أشهر (أي من الأسبوع 16 حتى الأسبوع 24 تقريبًا). هذا هو الإطار الزمني الأكثر شيوعًا في السلالات المعروفة بإنتاجها الجيد. لكن هذا لا يعني أن جميع الدجاجات تلتزم بهذا التوقيت بدقة، إذ إن بعض السلالات قد تبدأ مبكرًا، وأخرى تتأخر قليلًا.
🐔 الفرق بين أنواع الدجاج: البلدي، البيّاض، والرومي
- الدجاج البيّاض التجاري (مثل لوهمان Lohmann أو هايسكس Hy-Line):
تم تطويره خصيصًا لإنتاج البيض بكثافة، لذلك يبدأ عادةً التبييض في عمر 16 إلى 18 أسبوعًا فقط، مع انتظام سريع في الإنتاج. - الدجاج البلدي:
يتميّز بمناعة قوية وقدرة على التأقلم، لكنه غالبًا ما يبدأ في عمر متأخر نسبيًا، أي ما بين 5 إلى 6 أشهر. كما أن إنتاجه قد يكون أقل انتظامًا مقارنة بالسلالات التجارية. - الدجاج الرومي (الديك الرومي):
رغم أنه لا يُربى أساسًا لغرض البيض، إلا أن الإناث تضع البيض، ولكن في عمر متأخر (عادة بعد 7 أشهر) وبكميات أقل بكثير، لذلك لا يُعتمد عليه كمصدر للبيض.
🌿 عوامل تؤثر على توقيت وضع أول بيضة
توجد عدة عوامل تتحكم في سرعة أو تأخر بداية التبييض، من أبرزها:
- السلالة الوراثية:
تلعب السلالة دورًا رئيسيًا في تحديد عمر التبييض، فبعض السلالات تم تحسينها وراثيًا للإنتاج المبكر. - التغذية السليمة:
نظام غذائي غني بالبروتين، الكالسيوم، والفيتامينات يسرّع من نمو الدجاجة ويساعدها على الوصول إلى مرحلة النضج الجنسي في وقت مناسب. - الإضاءة:
يحتاج الدجاج إلى ما لا يقل عن 14 إلى 16 ساعة من الضوء يوميًا لتحفيز الغدد المسؤولة عن بدء التبييض. الإضاءة الصناعية في فصل الشتاء تُستخدم غالبًا لهذا الغرض. - البيئة والمناخ:
الراحة النفسية، درجة الحرارة المعتدلة، وتوفّر مساحة كافية للحركة، كلها عوامل تساعد على نمو صحي وسريع. - الحالة الصحية:
الأمراض أو الطفيليات يمكن أن تؤخر النمو وتمنع الدجاجة من بلوغ سن التبييض في الوقت المعتاد.
🔚 خلاصة هذا القسم:
يبدأ أغلب الدجاج في التبييض بين 4 إلى 6 أشهر، لكن تحديد العمر بدقة يعتمد على السلالة والظروف المحيطة. الفهم الجيد لهذه العوامل يتيح لك الاستعداد بشكل أفضل، وتجنّب القلق أو التوقعات غير الواقعية.
🟧 علامات اقتراب الدجاج من وضع البيض
إذا كنت تراقب قطيعك يوميًا، فستلاحظ مجموعة من التغيّرات السلوكية والجسدية التي تشير إلى أن الدجاجة أصبحت قريبة من وضع أول بيضة. هذه العلامات لا تظهر فجأة، بل تتطور تدريجيًا، وتمثل مؤشراً طبيعياً على دخول مرحلة النضج الجنسي.
إليك أبرز العلامات التي تساعدك على التنبؤ بقرب التبييض:
🔴 1. تغيّر واضح في حجم ولون العُرف
من أوضح العلامات التي يمكن ملاحظتها بسهولة هو تحول العُرف (الزعيم أعلى الرأس) إلى لون أحمر زاهٍ، مع زيادة في الحجم وامتلائه بالدم.
هذا التغيير يعني أن الجسم بدأ بإنتاج الهرمونات اللازمة لعملية التبييض. أما الدجاج غير الناضج، فعادةً ما يكون العُرف شاحبًا وصغيرًا.

🪺 2. الحفر أو التقليب في العش
عندما تبدأ الدجاجة بالحفر في القش أو الرمل داخل العش، أو تقوم بالجلوس فيه لفترات قصيرة، فهذه علامة قوية على اقتراب التبييض. هذا السلوك ناتج عن غريزة البحث عن مكان آمن لوضع البيضة.
في بعض الحالات، قد تلاحظ أنها تدفع القش بمنقارها أو تحاول ترتيب العش بطريقة خاصة.
🔊 3. الأصوات والنشاط الزائد
الدجاجة على وشك وضع البيض تصبح أكثر صوتًا وتفاعلاً مع البيئة. تُصدر أصواتًا أشبه بـ “النقنقة” المتكررة، وكأنها تبحث عن مكان مناسب أو تعلن عن قرب الحدث.
إلى جانب ذلك، قد تلاحظ زيادة في النشاط الجسدي والحركة السريعة داخل الحظيرة، كأنها في حالة من الترقّب أو القلق.
🍽️ 4. ازدياد الشهية واستهلاك العلف
عند اقتراب الدجاجة من التبييض، يبدأ جسمها في طلب المزيد من العناصر الغذائية، خصوصًا الكالسيوم والبروتين. ستلاحظ أنها تأكل أكثر من المعتاد، كما يمكن أن تميل إلى التهام البيضات المكسورة إذا لم يتم تزويدها بما يكفي من الكالسيوم.
نصيحة مهمة هنا: تأكد من تقديم أعلاف مخصصة للدجاج البيّاض، تحتوي على ما لا يقل عن 3.5% كالسيوم، لتحفيز التبييض ودعم صحة القشرة.
🔚 خلاصة هذا القسم:
لا تحتاج لأن تكون خبيرًا لتتنبأ بقرب التبييض. المراقبة اليومية تكفي لاكتشاف العلامات: العُرف يصبح أحمرًا، السلوك يتغير، العش يجذب الانتباه، والشهية ترتفع. كل هذه المؤشرات تمنحك إشارات واضحة على أنك تقترب من اللحظة المنتظرة — أول بيضة!
🟧 هل يمكن تسريع وضع البيض؟ نعم، بهذه الطرق الطبيعية
يتساءل الكثير من المربين: هل هناك طريقة لتسريع بداية التبييض دون اللجوء إلى محفزات صناعية؟
الجواب هو: نعم، ولكن بشروط. الأمر لا يتعلق بالسحر أو الحيل السريعة، بل بأساسيات مدروسة قائمة على علم التغذية، وراحة الدجاج، والانضباط في الرعاية اليومية.
فيما يلي مجموعة من الطرق الطبيعية والفعّالة التي تساهم في تحفيز الدجاج على التبييض في الوقت المناسب، وربما حتى بشكل أسرع بقليل من المعتاد:
🍳 1. نظام غذائي غني بالكالسيوم والبروتين
النمو الجنسي، ثم إنتاج البيض، يتطلبان طاقة غذائية عالية، خاصة من عناصر محددة مثل البروتين والكالسيوم:
- البروتين ضروري لتكوين البويضات ونمو العضلات.
- الكالسيوم عنصر أساسي لبناء قشرة البيضة.
أطعمة مفيدة يمكن تقديمها للدجاج:
- الحبوب الكاملة (القمح، الذرة، الشعير)
- بقايا البيض المسلوق مع القشرة (مصدر ممتاز للبروتين والكالسيوم)
- مسحوق العظم أو قشر البيض المجفف والمطحون
- أعلاف مخصصة للدجاج البيّاض بنسبة 16–18% بروتين
🪟 2. تحسين التهوية والإضاءة داخل الحظيرة
لا يكفي فقط إطعام الدجاج جيدًا؛ بل يجب أن تكون بيئته محفزة هرمونيًا:
- الإضاءة اليومية: الدجاج يحتاج ما لا يقل عن 14 إلى 16 ساعة من الضوء يوميًا ليبدأ جهازه التناسلي بالعمل بكفاءة.
- في الشتاء، استخدم مصابيح LED بيضاء دافئة داخل الحظيرة.
- التهوية: التهوية الجيدة تُقلل الرطوبة والروائح، وتُحافظ على الجهاز التنفسي للدجاج في حالة ممتازة، مما يؤثر بشكل غير مباشر على الصحة العامة وسرعة التبييض.
😌 3. تقليل التوتر والعوامل المزعجة
الدجاج كائن حساس للغاية. أي مصدر توتر — سواء كان ضجيجًا مفاجئًا، حيوانات مفترسة قريبة، أو تنقلات متكررة داخل القن — يمكن أن يؤخر التبييض.
نصائح لتقليل التوتر:
- اجعل الحظيرة هادئة ومستقرة من حيث الإضاءة والروائح.
- لا تغير مكان العش أو نوع الطعام بشكل مفاجئ.
- وفر للدجاج مكانًا آمنًا للنوم والتحرك بحرية.
🕒 4. جدول تغذية ثابت ومنتظم
الدجاج يحب الروتين. تقديم الطعام في مواعيد محددة يوميًا يُساعد على استقرار الجهاز الهضمي، ويحفّز الجسم على العمل ضمن نمط بيولوجي منظم.
مثال لجدول يومي بسيط:
- صباحًا (7–8 صباحًا): وجبة غنية بالبروتين (أعلاف + بقايا بيض + بعض الخضروات).
- ظهرًا (12–1 ظهرًا): كمية صغيرة من الحبوب الكاملة أو الذرة.
- مساءً (5–6 مساءً): وجبة خفيفة مع مياه نظيفة متجددة.
🥣 وصفة غذائية منزلية لتحفيز التبييض:
المكونات:
- 2 بيضة مسلوقة (مع القشر)
- 1 كوب من الشعير أو الذرة المجروشة
- حفنة من الخضار الورقية (مثل الجرجير أو السبانخ)
- ملعقة صغيرة من زيت الزيتون أو بذور الكتان
طريقة التحضير:
- يُهرس كل شيء ويُخلط جيدًا. يُقدّم طازجًا صباحًا بمعدل مرة كل يومين.
📝 نصيحة من تجربة مربين:
استخدام “قشر البيض المجفف” بدلًا من شراء مكملات الكالسيوم باهظة الثمن أعطى نتائج مبهرة في تحفيز بداية التبييض دون أي آثار جانبية.
🔚 خلاصة هذا القسم:
نعم، يمكنك تسريع بداية التبييض ولكن بشرط الالتزام بالعوامل الطبيعية: التغذية المدروسة، الإضاءة الكافية، بيئة مستقرة، وجدول منظم. هذه العناصر تعمل معًا على تهيئة جسم الدجاجة لبدء إنتاج البيض بشكل صحي وآمن، دون الحاجة إلى محفزات خارجية أو تدخلات غير طبيعية.
🟧 مشاكل شائعة تؤخر البيض وكيف تتعامل معها
رغم توفير العناية الأساسية، قد تُفاجأ بأن الدجاج لا يبيض في الموعد المتوقع. في هذه الحالة، من المهم أن تفهم الأسباب المحتملة وتتخذ خطوات عملية لمعالجتها دون تأخير. إليك أبرز العوائق التي قد تُبطئ أو تمنع التبييض:
🍂 1. التغذية السيئة
العَرَض: بطء في النمو، ريش باهت، انعدام التبييض.
الحل: احرص على تقديم علف غني بالبروتين (16–18%)، وأضف مصادر طبيعية للكالسيوم مثل قشر البيض المطحون أو مسحوق العظام.
🦠 2. الأمراض الخفية
العَرَض: خمول، نقص وزن، أو إسهال متكرر.
الأسباب الشائعة: الديدان المعوية، نقص الكالسيوم، أو التهابات مزمنة.
الحل: اعتمد برنامجًا دوريًا للتطعيم والتخلص من الديدان، مع تقديم مكملات معدنية عند الحاجة.
😟 3. التوتر أو تغيير المكان
العَرَض: توقف مفاجئ في وضع البيض، قلق مفرط أو حركة غير طبيعية.
الحل: تجنّب نقل الدجاج من مكان لآخر باستمرار، ووفّر بيئة هادئة ومستقرة قدر الإمكان.
🧬 4. ضعف الوراثة في بعض السلالات
العَرَض: تأخر غير مبرر رغم العناية المثالية.
الحل: تأكد من أن السلالة التي تربيها معروفة بإنتاج البيض. بعض الأنواع تُربى لأغراض الزينة أو التسمين فقط، وقد لا تكون مناسبة لإنتاج البيض المنتظم.
🔚 نصيحة سريعة:
راقب سلوك الدجاج باستمرار. أي تغير بسيط في النشاط أو المظهر قد يكون إشارة مبكرة لمشكلة أكبر. كلما تدخلت مبكرًا، زادت فرص التصحيح السريع وعودة التبييض إلى طبيعته.
🟦 تجربتي الشخصية: متى باضت أول دجاجة عندي؟
لن أنسى ذلك اليوم أبدًا. كنت قد بدأت في تربية الدجاج لأول مرة، وقد اشتريت خمس دجاجات من سلالة بلدية محلية. كنت أراقبهن كل صباح وكأنني أنتظر هدية من السماء. مرّ الأسبوع تلو الآخر، وكنت أعدّ الأيام بشغف: “ها قد وصلن إلى الشهر الرابع… لا شيء بعد!”
بدأت ألاحظ بعض التغيّرات الصغيرة: إحدى الدجاجات أصبح عرفها أكثر احمرارًا وانتفاخًا، وأصبحت تحفر في التبن وتجلس قليلاً في العش، ثم تنهض. كان هذا سلوكًا جديدًا لم أره من قبل. بدا لي كأنها تتدرّب على لحظة عظيمة قادمة.
وحقًا، بعد حوالي خمسة أشهر وأسبوع تقريبًا من عمرها، وجدت في صباح يوم مشمس بيضة صغيرة جدًا، أقرب إلى بيض الحمام! وضعتها بهدوء في زاوية العش… كانت تلك أول بيضة تضعها إحدى دجاجاتي، وشعرت وكأنني فزت بجائزة.
لكن لم تكن البداية سهلة.
الخطأ الذي ارتكبته في البداية كان اعتماد نظام غذائي غير متوازن. كنت أقدّم بقايا الطعام دون تفكير في احتياجات الدجاج من الكالسيوم والبروتين. تأخرت بعض الدجاجات في التبييض، وبدأ الريش يتساقط. وعندما استشرت أحد المربين المحترفين، أرشدني إلى أهمية الأعلاف المخصصة، ومسحوق العظم، وقشر البيض المجفف.
منذ ذلك اليوم، أصبحت أغذي دجاجاتي كأنني أُعدّ رياضيين لدورة أولمبية! والنتيجة؟ إنتاج منتظم، قشور قوية، ودجاجات صحية تبدو وكأنها تعرف جيدًا ما تفعل.
🔚 الدروس المستفادة:
المراقبة اليومية، الانتباه للتغذية، وتجنّب التسرّع في الحكم كلها مفاتيح النجاح في تربية الدجاج البيّاض. والأهم من كل شيء: الصبر، فكل دجاجة لها إيقاعها الخاص — فقط كن حاضراً حين يحين وقتها.
🟩 خلاصة: كن صبورًا، ووفّر الظروف الصحيحة
في نهاية هذا الدليل، نعود للسؤال الأساسي: متى يبيض الدجاج لأول مرة؟
الإجابة المختصرة هي: بين عمر 4 إلى 6 أشهر، وقد يختلف التوقيت قليلًا حسب السلالة، ظروف التربية، والتغذية.
لكن الأهم من معرفة الرقم، هو أن تدرك أن نجاحك كمربي لا يُقاس بسرعة أول بيضة، بل بمدى صبرك، وفهمك لطبيعة هذه الكائنات، وقدرتك على تهيئة البيئة المثالية لها.
✅ أهم نصيحة نتركها لك:
ركز على العوامل التي يمكنك التحكم بها: التغذية المتوازنة، الراحة النفسية، الإضاءة الجيدة، والمتابعة اليومية. حين تفعل ذلك، ستكافئك الدجاجة في الوقت المناسب — وبكل فخر!
💬 والآن دورك:
هل سبق أن ربيت دجاجًا بنفسك؟
متى باضت دجاجتك الأولى؟
شاركنا تجربتك أو استفسارك في التعليقات أدناه — لنبني معًا مجتمعًا من المربين الشغوفين والداعمين لبعضهم البعض.