توقف الدجاج عن وضع البيض. استيقظت هذا الصباح كعادتك، دخلت الحظيرة متحمّسًا لجمع البيض الطازج… لكن لا أثر له. ربما الأمر صدفة؟ لكنك تعود في اليوم التالي، وتُفاجأ من جديد بالحظيرة فارغة. لا بيض. لا تفسير واضح. تبدأ التساؤلات تدور في رأسك: “هل مرض الدجاج؟ هل هناك شيء خاطئ في العلف؟”
إذا كنت قد مررت بهذه التجربة، فاعلم أنك لست وحدك. هذا التوقف المفاجئ في إنتاج البيض هو من بين أكثر المشاكل شيوعًا التي تُربك مربي الدجاج، سواء كانوا مبتدئين أو أصحاب خبرة.
في هذا المقال، سنكشف لك 6 أسباب رئيسية قد تكون خلف توقف الدجاج عن وضع البيض، مع تقديم حلول عملية مجربة تساعدك على استعادة إنتاج البيض بشكل طبيعي وآمن.
تابع القراءة لتتعرّف على خفايا هذا السلوك، وكيف تتعامل معه بذكاء وفعالية.
🟧 1. تغيير مفاجئ في النظام الغذائي
يُعد النظام الغذائي المتوازن حجر الأساس في إنتاج البيض لدى الدجاج، وأي خلل فيه – ولو بسيط – قد يؤدي إلى توقف كامل في وضع البيض. دعنا نوضح الأمر بدقة.
🔹 نقص الكالسيوم أو البروتين يؤثر مباشرة على قدرة الدجاجة على إنتاج البيض. فالكالسيوم، على سبيل المثال، يدخل بشكل مباشر في تكوين قشرة البيضة. أما البروتين، فهو ضروري لتكوين محتوى البيضة الداخلي. وعندما ينخفض أحد هذين العنصرين في العلف، يتوقف الجسم عن “إنتاج الرفاهيات” – والبيض من بينها.
🔹 الماء النظيف والوفير مهم أكثر مما قد تعتقد. نقص الماء، أو تلوّثه، قد يثني الدجاج عن الأكل وبالتالي يؤثر على كامل العمليات الحيوية، من ضمنها إنتاج البيض.
🔹 الانتقال المفاجئ من نوع علف إلى آخر دون تدرّج قد يُربك الجهاز الهضمي للدجاج، ويؤدي إلى حالة من “الإجهاد الغذائي” تظهر أعراضها في انخفاض الإنتاج أو توقفه تمامًا.
✅ الحل: اعتماد خطة تغذية متوازنة ومدروسة
- استخدم علفًا مخصصًا للدجاج البيّاض، يحتوي على نسب مناسبة من البروتين (16-18%) والكالسيوم.
- أضف مكملات الكالسيوم الطبيعية إلى النظام الغذائي مثل: قشر البيض المطحون، أو حجر الكالسيوم (cuttlebone).
- لا تغيّر نوع العلف فجأة، بل قم بذلك تدريجيًا خلال أسبوع على الأقل.
- تأكد من أن الماء نظيف، متجدد، ومتاح طوال اليوم.
من خلال هذه الخطوات البسيطة، يمكنك مساعدة دجاجك على استعادة توازنه الغذائي، والعودة تدريجيًا إلى وضع البيض بشكل طبيعي.
🟧 2. قلة ساعات الإضاءة اليومية
قد لا يدرك الكثير من مربي الدجاج أن الضوء – نعم، الضوء – يلعب دورًا محوريًا في تحفيز الدجاج على وضع البيض. فالدجاج ليس فقط كائنًا يتأثر بالحرارة والعلف، بل أيضًا بكميات الضوء التي يتعرّض لها يوميًا.
🔹 تعمل دورة الضوء على تحفيز الغدد الصماء لدى الدجاج، مما يُنتج سلسلة من التفاعلات الهرمونية التي تنتهي بوضع البيض. عندما تقل ساعات الضوء، كما يحدث طبيعيًا في فصلي الشتاء والخريف، يبدأ إنتاج هذه الهرمونات في الانخفاض، مما يؤدي إلى توقف تدريجي أو مفاجئ في إنتاج البيض.
🔹 في الطبيعة، يتزامن هذا التوقف غالبًا مع موسم تبديل الريش أو “القلش”، حيث تحتاج الدجاجة إلى تركيز طاقتها على إعادة بناء الريش بدلًا من وضع البيض. لكن في البيئات الإنتاجية، يُمكن التحكم في ذلك نسبيًا.
✅ الحل: توفير إضاءة صناعية مناسبة
- احرص على أن يحصل الدجاج على 14 إلى 16 ساعة من الضوء يوميًا. هذا لا يعني أن الضوء يجب أن يكون قويًا جدًا؛ مجرد ضوء كافٍ للرؤية داخل الحظيرة يكفي.
- استخدم مؤقتًا (تايمر كهربائي) لتنظيم ساعات الإضاءة بدقة، خاصة في أشهر الشتاء.
- تأكد من أن المصابيح موزعة بشكل متساوٍ في الحظيرة لتجنب وجود مناطق مظلمة تؤثر سلبًا على بعض الطيور.
من خلال توفير إضاءة ثابتة ومنتظمة، يمكنك تحفيز دجاجك على الاستمرار في الإنتاج حتى خلال المواسم الباردة.
🟧 3. توقف الدجاج عن وضع البيض بسبب التوتر والخوف داخل الحظيرة
الدجاج كائن حساس للغاية، وقد لا يبدو ذلك واضحًا للوهلة الأولى، لكنه يتأثر بسرعة بأي اضطراب في محيطه، سواء كان صوتًا مفاجئًا، أو اقتراب حيوان مفترس، أو حتى ازدحامًا في المكان. وهذه العوامل النفسية قد تؤدي إلى توقف الدجاج عن وضع البيض دون وجود سبب صحي أو غذائي مباشر.
🔹 هجوم الحيوانات المفترسة مثل الثعالب أو القطط أو حتى الفئران، أو مجرد محاولتها الاقتراب من الحظيرة، يُحدث حالة من الهلع وسط القطيع. وقد تلاحظ أن الدجاج يتوقف عن وضع البيض لعدة أيام بعد شعوره بالخطر.
🔹 الأصوات العالية والمفاجئة، مثل الضوضاء الناتجة عن الآلات أو الألعاب النارية أو مرور الشاحنات، تؤثر بشكل مباشر على الحالة النفسية للدجاج، وتُفقده الإحساس بالأمان، مما يؤدي إلى اضطراب في إنتاج البيض.
🔹 الكثافة العالية داخل الحظيرة تُسبب مشاكل كثيرة، منها التنافس على الطعام والماء، وصراعات بين الطيور، مما يخلق بيئة مشحونة بالتوتر والقلق.
✅ الحل: خلق بيئة هادئة وآمنة للدجاج
- أمّن الحظيرة جيدًا من جميع الجهات، وضع شبكًا قويًا لمنع تسلل الحيوانات المفترسة، خاصة ليلًا.
- اختر مكانًا هادئًا لبناء الحظيرة، بعيدًا قدر الإمكان عن مصادر الضجيج.
- قلل الكثافة داخل الحظيرة عبر توسيع المساحة المتاحة للدجاج. يُفضل توفير ما لا يقل عن متر مربع لكل 4 دجاجات داخل الحظيرة، مع مساحة أوسع في الساحة الخارجية.
- وفّر أماكن للاختباء داخل الحظيرة، مثل صناديق القش أو الزوايا المظللة، لتشعر الدجاجات بالأمان والخصوصية.
تذكّر أن الدجاج المرتاح نفسيًا هو دجاج منتج، لذا فإن الحفاظ على بيئة مستقرة وهادئة يُعد استثمارًا مباشرًا في زيادة إنتاج البيض.
🟧 4. الطفيليات أو الأمراض الخفية
قد يبدو الدجاج بصحة جيدة من الخارج، لكنه في الواقع يُعاني في صمت من مشاكل داخلية تؤثر بشكل مباشر على إنتاج البيض. من بين أكثر الأسباب الخفية الطفيليات والأمراض التي لا تُكتشف بسهولة إلا عند الفحص الدقيق أو بعد ظهور الأعراض.
🔹 الطفيليات الداخلية، مثل الديدان المعوية، تُضعف جسم الدجاج من الداخل، حيث تتغذى على العناصر الغذائية قبل أن يمتصها الجسم. هذا يعني أن الدجاجة تأكل بشكل طبيعي، لكن لا تحصل على ما يكفي من الطاقة أو المغذيات لوضع البيض.
🔹 الطفيليات الخارجية، مثل القمل أو القراد أو العثّ الأحمر، تُسبب إزعاجًا مستمرًا للدجاج، خاصة ليلًا، ما يؤدي إلى اضطرابات في النوم والتغذية. كما أنها تستنزف الدم، مما يؤدي إلى فقر دم تدريجي، وبالتالي انخفاض القدرة على إنتاج البيض.
🔹 بعض الأمراض الفيروسية أو البكتيرية قد تؤثر مباشرة على المبايض، فتتسبب في توقف عملية الإباضة. أحيانًا تمر هذه الأمراض دون أعراض واضحة، مما يزيد من صعوبة تشخيصها مبكرًا.
✅ الحل: الوقاية والمتابعة البيطرية المنتظمة
- اعتمد جدولًا شهريًا لتقديم مضادات الطفيليات الداخلية (حسب توجيهات الطبيب البيطري)، وراقب براز الدجاج بانتظام.
- نظّف الحظيرة بشكل دوري وعميق، مع استخدام المطهّرات الآمنة للقضاء على الطفيليات الخارجية.
- رش ريش الدجاج بمواد طبيعية أو مخصصة لمكافحة القمل والقراد.
- استشر طبيبًا بيطريًا في حال لاحظت انخفاضًا مفاجئًا في الإنتاج دون سبب واضح، للكشف عن أي أمراض خفية قد تحتاج علاجًا مبكرًا.
من خلال المتابعة الصحية والوقاية المنتظمة، يمكنك الحفاظ على قطيعك سليمًا ومنتجًا، وتجنّب المفاجآت غير السارة التي تُضعف الإنتاج وتُضرّ بالدجاج.
🟧 5.توقف الدجاج عن وضع البيض أثناء مرحلة غيار الريش (القلش)
من الطبيعي أن يتوقف الدجاج عن وضع البيض لفترة مؤقتة خلال ما يُعرف بـ مرحلة غيار الريش أو القلش. وعلى الرغم من أن هذا التغيير قد يُفاجئ المربين، إلا أنه جزء طبيعي من دورة حياة الدجاج، ويحدث غالبًا مرة واحدة في السنة.
🔹 ما الذي يحدث بيولوجيًا أثناء القلش؟
خلال هذه المرحلة، يبدأ الدجاج في فقدان ريشه القديم واستبداله بريش جديد أكثر قوة ولمعانًا. وهذه العملية تتطلب جهدًا وطاقة كبيرة من الجسم، مما يدفع الدجاجة إلى إيقاف إنتاج البيض مؤقتًا، لتُركّز كل مواردها على تجديد الريش.
🔹 كم تستمر فترة القلش؟
تختلف المدة من دجاجة إلى أخرى، لكنها تتراوح عادةً بين 6 إلى 12 أسبوعًا. في هذه الفترة، قد يبدو الدجاج مُرهقًا أو أقل نشاطًا، كما يُلاحظ تساقط واضح في الريش، خاصة حول الرقبة والظهر.
✅ الحل: لا داعي للقلق… فقط ادعم دجاجك
- لا تحاول تحفيز الدجاج على وضع البيض بالقوة أثناء القلش، فذلك قد يضر بصحته.
- احرص على تحسين جودة التغذية من خلال رفع نسبة البروتين إلى 18–20%، لمساعدة الجسم على إعادة بناء الريش.
- قدّم مكملات غذائية طبيعية أو فيتامينات، مثل فيتامين A وD وE، فهي ضرورية لدعم النمو وتجديد الخلايا.
- وفّر بيئة مريحة وخالية من التوتر، فالدجاج يحتاج في هذه المرحلة إلى راحة واستقرار.
تذكّر: مرحلة القلش ليست نهاية الإنتاج، بل فترة “صيانة طبيعية” يعود بعدها الدجاج أكثر صحة وحيوية، وغالبًا بإنتاج أفضل من السابق.
🟧 6. تقدم عمر الدجاجة
كما هو الحال مع كل الكائنات الحية، فإن الدجاج أيضًا يمر بمراحل عمرية تؤثر على قدرته الإنتاجية. ومع تقدم العمر، تبدأ الطاقة الإنتاجية في التراجع تدريجيًا، حتى تتوقف كليًا في بعض الحالات.
🔹 متى يبدأ إنتاج البيض في التراجع؟
عادةً ما يبدأ الدجاج في وضع البيض عند عمر 5 إلى 6 أشهر، ويبلغ ذروة الإنتاج خلال السنة الأولى. بعد ذلك، يبدأ الانخفاض التدريجي بعد عمر السنتين. قد لا يتوقف الإنتاج تمامًا، لكنه يصبح أقل انتظامًا من حيث العدد والجودة.
🔹 اختلاف السلالات في مدة الإنتاج
ليست كل السلالات سواء من حيث فترة الإنتاج.
- هناك سلالات طويلة الإنتاج مثل “الليجهورن” Leghorn المعروفة بإنتاجها العالي والمستمر نسبيًا.
- في المقابل، هناك سلالات قصيرة الأمد تضع البيض بكثافة خلال فترة محدودة، ثم ينخفض إنتاجها بسرعة.
معرفة نوع سلالة الدجاج لديك يُساعدك كثيرًا على توقع منحنى الإنتاج الطبيعي وتخطيط القطيع بناءً عليه.
✅ الحل: إدارة ذكية لعمر القطيع
- لا تنتظر حتى يتوقف القطيع بالكامل عن الإنتاج. بدلاً من ذلك، قم بـدمج دفعات جديدة من الدجاج الصغير في أوقات منتظمة، حتى تظل لديك دائمًا فئة نشطة ومنتجة.
- استخدم مبدأ “تدوير القطيع تدريجيًا”، أي التخلص الإنساني والاختياري من الطيور الأقل إنتاجًا، مع إدخال دماء جديدة تعيد التوازن لمستوى الإنتاج.
- إذا كنت تربي الدجاج لغرض تجاري، فضع خطة واضحة لاستبدال القطيع كل 18–24 شهرًا حسب نوع السلالة.
باتباع هذه الخطوات، يمكنك الحفاظ على معدل إنتاج مستقر وطويل الأمد، دون أن تفاجأ بتوقف كامل في وضع البيض نتيجة تقدم العمر.
🟦 خلاصة ونصائح لمتابعة إنتاج البيض بانتظام
بعد أن استعرضنا معًا أهم الأسباب الشائعة التي قد تؤدي إلى توقف الدجاج عن وضع البيض، من المهم الآن أن نُركز على الجانب العملي: كيف تضمن استمرارية إنتاج البيض بشكل منتظم؟
🔹 راقب تغذية الدجاج وسلوكه بشكل يومي
لا تكتفِ بتقديم العلف فقط، بل راقب: هل يأكل الدجاج بشهية؟ هل يشرب الماء بشكل طبيعي؟ هل يتحرك بنشاط؟ أي تغير بسيط في هذه السلوكيات قد يكون مؤشرًا مبكرًا لمشكلة صحية أو بيئية.
🔹 سجّل إنتاج البيض بانتظام
أنشئ دفترًا بسيطًا أو استخدم تطبيقًا لتسجيل عدد البيض يوميًا. هذا سيساعدك على رصد أي انخفاض مفاجئ أو تدريجي، وبالتالي اتخاذ التدابير المناسبة بسرعة، قبل أن تتفاقم المشكلة.
🔹 متى تستشير طبيبًا بيطريًا؟
إذا لاحظت:
- توقفًا مفاجئًا وشاملاً في وضع البيض دون سبب واضح.
- علامات خمول أو فقدان شهية لدى القطيع.
- تغير في شكل البيض أو لونه أو قشرته.
فهنا يُنصح بالتواصل مع طبيب بيطري مختص لتحديد السبب بدقة، والحصول على العلاج المناسب في الوقت المناسب.
🔹 روابط مقترحة لمزيد من القراءة (على موقعك):
- 🐔 كيفية اختيار أفضل سلالة دجاج بيّاض لمزرعتك
- 🌿 الوصفات الطبيعية لرفع مناعة الدجاج وزيادة الإنتاج
- 🏡 تصميم الحظيرة المثالية: راحة الدجاج تعني بيضًا أكثر
✨ في الختام، تذكّر:
نجاحك في تربية الدجاج البيّاض لا يتوقف فقط على توفير الطعام، بل على الفهم الدقيق لطبيعة هذا الكائن، والتعامل الذكي مع احتياجاته النفسية والصحية والبيئية. باتباع النصائح المذكورة، ستكون قد وضعت قدمك على الطريق الصحيح لضمان إنتاج بيض منتظم ومستدام.
